الأربعاء، 18 يناير 2012

تحريم الكبر في الإسلام


بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ( [آل عمران: 102].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا( [النساء: 1]
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا ` يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا( [الأحزاب: 70-71]
يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، ولك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضى، أما بعد:



1-   مفهوم الكبر
التكبر صفة ذميمة يتصف به إبليس وجنوده من أهل الدنيا ممن طمس الله تعالى على قلبه . وأول من تكبر على الله وخلقه هو إبليس اللعين لمَّا أمره الله تعالى بالسجود لآدم فأبى واستكبر وقال " أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين " . قال الله تعالى : { (10) وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12) } الأعراف / 11 – 12
* والتكبر في اللغة هو التعظم، أي إظهار العظمة، قال في 'لسان العرب':'والتكبّر والاستكبار: التعظم، ومنه قوله تعالى: سَأَصْرِفُ عَنْ ءَايَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ[146]{ “سورة الأعراف” أي: يرون أنهم أفضل الخلق، وأن لهم من الحق ما ليس لغيرهم'
         * اصطلاحا : وفي الاصطلاح ، فإن التكبر هو: إظهار الشخص إعجابه بنفسه بصورة تجعله يحتقر الآخرين في أنفسهم، وينال من ذواتهم، ويترفع عن قبول الحق منهم. وهذا معنى التكبر في الحديث عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ] قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً قَالَ: [ إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ] رواه مسلم والترمذي وأحمد.
       *  والكبر صفة من الصفات التي لا تنبغي إلا لله تعالى ، فمن نازع الله فيها أهلكه الله وقصمه وضيق عليه . عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى : " العز إزاره والكبرياء رداؤه فمن ينازعني عذبته " . رواه مسلم ( 2620 ) .
" .
ومعنى " ينازعني " : يتخلق بذلك فيصير في معنى المشارك . وهذا وعيد شديد في الكبر مصرح بتحريمه النووي شرح مسلم " ( 16 / 173.
 أخي المسلم هل تعلم أن أولُ مَنْ تكبر هو إبليسُ اللعينُ .....:

قالَ تعالى : " وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ " [ الأعراف : 11 - 12 ] . فهل يحب أحدنا أن يتصف بصفات إبليس اللعين.
2 ولا بد هنا من الوقوف على أمر هام وهو -أنواع الكبر
فالكبر نوعان: منه ما يكون كفراً وسبباً إلى الكفر .. ومنه ما يكون دون ذلك ولكنه كبيرة من الكبائر .
          فالكبر الذي يكون كفراً وسبباً إلى الكفر هو الكبر الذي يحمل صاحبه على رد الحق أو الأمر الشرعي وعلى دفعه والإعراض عنه .. وعلى احتقار الخلق لدينهم وإسلامهم ..وعلى أنهم ليسوا على شيء !
          فمن وقع في هذا النوع من الكبر فقد وقع في الكفر ، وهو المعني من قوله تعالى:" بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين " الزمر:59. وقوله تعالى:" أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم " البقرة:87. وقوله تعالى:" وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذاباً أليماً " النساء:173. وقوله تعالى:" وقالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون . قال وما علمي بما كانوا يعملون . إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون . وما أنا بطارد المؤمنين " الشعراء:111-114. فالذي حملهم على رد الدعوة وعدم الدخول في الدين الحق أنه يوجد من أتباع هذا الدين: الضعفاء والفقراء والمساكين الذين أطلقوا عليهم وصف الأراذل الذين لا يستحقون أن يكونوا من جلساء المستكبرين .. أو يجمع بينهما دين أو حتى مكان !! 
          والمستكبر كفره ككفر إبليس وفرعون اللذَين حملهما الكبر على الكفر ورد الحق .. وهو قرين لهما في الكفر والكبر والعناد كما قال تعالى:" إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين "البقرة:34. وقال عن فرعون:" واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق " القصص:39.
                    *- أما الكبر الذي هو دون الكفر ويكون كبيرة من الكبائر .. هو الكبر الذي يحمل صاحبه على رد الحق في الأمور المعيشية الدنيوية التي لا علاقة لها مباشرة بالحق الشرعي من تحليل أو تحريم أو غير ذلك من الأحكام .. كما يحمله على احتقار الخلق لا لدينهم وإسلامهم وإنما لميزة يراها في نفسه دون الآخرين ..!!
          فهذا النوع من الكبر يدخل في معنى ومسمى الكبر، وهو خطير جداً على دين وأخلاق صاحبه، وهو بريد إلى الكبر الأكبر .. لكن لا يرقى به إلى درجة الكفر الأكبر الذي يخرجه من الملة، كما في الحديث عن سلمة بن الأكوع أن رجلاً أكل عند رسول الله " بشماله فقال:" كل بيمينك ". قال: لا أستطيع ! قال ":" لا استطعت " ما منعه إلا الكبر . قال: فما رفعها إلى فيه . مسلم . أي ما قدر أن يرفع يده إلى فيه .
          والشاهد أن هذا الرجل رغم أنه امتنع عن الأكل باليمين كبراً، لكنه تستر بالعجز وعدم الاستطاعة .. فإنه لم يكفر بذلك، ولم يحمله النبي  على التوبة والدخول في الإسلام من جديد .
          ونحو ذلك أن تأمر من بجوارك في الصلاة بأن يتراص ويتساوى مع الصف .. فيمتنع كبراً واستخفافاً بمن يأمره .. أو تحضه على إحياء بعض السنن والشرائع في الصلاة وغيرها ..تراه يلوي عنقه كأن لم يسمع وما حمله على ذلك إلا الكبر والاستخفاف بمن يأمره أو يذكره ..  ومن ذلك أيضا أن تتوجه بالنصح الصادق للآخرين، لا تريد من وراء ذلك إلا الخير لهم .. فيفسرون نصحك على أنك تريد أن تصنع من نفسك عليهم أستاذاً ومعلماً .. أو أنك أصغر منهم قدراً وشأناً فكيف تتجاسر على أن تتوجه إليهم بالنصح .. فيصدهم ذلك عن الإصغاء إلى الحق أو قبوله .. وما حملهم على ذلك إلا نوع كبرٍ في نفوسهم !
          فهذا النوع من الكبر ونحوه رغم خطورته على صاحبه إلا أنه لا يرقى به إلى درجة الكفر لكنه من الكبائر
3- عاقبة المتكبر
 . و الكبر سبباً لحرمان صاحبه من الجنة ويحرم نفسه من أن ينظر رب العزة إليه كما جاء في الحديثين الآتيين :
    1 عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ، قال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة ، قال : إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر : بَطَر الحق وغَمْط الناس " . رواه مسلم ( 91 ) . وبطر الحق : رده بعد معرفته . وغمط الناس : احتقارهم .
   2 عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَن جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة ، فقال أبو بكر : إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك لست تصنع ذلك خيلاء " . رواه البخاري.
وعَنْ النَّبِيِّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏قَالَ ‏: " ‏يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ ‏، ‏يَغْشَاهُمْ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَيُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ فِي جَهَنَّمَ يُسَمَّى ‏: " ‏بُولَسَ ‏" ‏تَعْلُوهُمْ نَارُ الْأَنْيَارِ يُسْقَوْنَ مِنْ ‏ ‏عُصَارَةِ ‏‏أَهْلِ النَّارِ طِينَةَ الْخَبَالِ " .‏
رواه الترمذي ( 2492 ) ، وَ‏قَالَ : "‏ ‏هَذَا ‏حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ " .
ماذا حدث لقارونَ المتكبر؟
قال تعالى : " فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ * فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ " [ القصص : 79 - 81 ] .

عَنْ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏‏يَقُولُ ‏: ‏قَالَ النَّبِيُّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏، ‏أَوْ قَالَ ‏أَبُو الْقَاسِمِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "‏ ‏بَيْنَمَا ‏ ‏رَجُلٌ ‏ ‏يَمْشِي فِي حُلَّةٍ تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ ‏‏مُرَجِّلٌ جُمَّتَهُ ‏؛ ‏إِذْ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ فَهُوَ ‏ ‏يَتَجَلْجَلُ ‏ ‏إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " .

عقوبةُ الكِبر في الآخرة :
قال تعالى في وصفِ المتكبرين : " فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ " [ النحل : 29 ] .
وقال:" احتجت الجنة والنار فقالت النار: فيّ الجبارون والمتكبرون، وقالت الجنة: فيَّ ضُعفاءُ الناس ومساكينُهم فقضى الله بينهما؛ إنك الجنة رحمتي أرحم بك من أشاء، وإنك النـار عذابي أعذب بك من أشاء، ولكيليكما عليَّ ملؤها " مسلم .
وللكبر صور عدة منها :
     1- ألا يقبل الرجل الحق ويجادل بالباطل ، كما ذكرنا في حديث عبد الله بن مسعود " الكبر : بطر الحق وغمط الناس
                 2 -أن تعجبه نفسه من جمال أو حسن ، أو ثراء في الملبس أو المأكل فيتبختر ويتكبر ويفخر على الناس .
  ومنه ما كان من ذلك الرجل صاحب الذي قال الله تعالى فيه : { وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً } الكهف / 34 . ..... ومن أعرض....
               3  - وقد يكون ذلك بالتفاخر بالعشيرة والنسب
                4- جر الثياب خيلاء . * عَنْ ‏‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏قَالَ ‏: " ‏لَا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا " . البخاري (5788) ، ومسلم (2087) .
قال الإمامُ النووي : " قَالَ الْعُلَمَاء : الْخُيَلَاء بِالْمَدِّ ، وَالْمَخِيلَة ، وَالْبَطَر ، وَالْكِبْر ، وَالزَّهْو ، وَالتَّبَخْتُر ، كُلّهَا بِمَعْنًى وَاحِد ، وَهُوَ حَرَام .
وَيُقَال : خَال الرَّجُل وَاخْتَالَ اِخْتِيَالًا إِذَا تَكَبَّرَ ، وَهُوَ رَجُل خَال أَيْ مُتَكَبِّر ، وَصَاحِب خَال أَيْ صَاحِب كِبْر " .ا.هـ.

أيها المتكبر الرجال لا تقاس بالضخامة والقوة ولا بالزي والصورة ولكن تقاس بالقلوب التي تحملها والأعمال التي تصدرها والأخلاق التي تلبسها فمن حمل قلباً سليماً وأصدر عملاً نبيلاً وتخلق خلقاً جميلاً فذلك الرجل الذي يحمد صنيعه ويعظم اجره وان كان اشعث اغبر فإن هذا وأمثاله ممن صفت سرائرهم بإذن الله وخلصت عقيدتهم لو أقسموا على الله لأبرهم.قال تعالى: «"ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثي".أخي لا تغتر بقوتك ولا تسخرها في التجبر على الضعفاء الذين يحملون نفوساً عظيمة متواضعة لله خاشعة له فإنهم عباد الله المقربون وجنده المخلصون لا يرد عليهم دعاء ولا يخيب لهم رجاء: «إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون"
وَلَا تَمْشِ فَوْق الْأَرْض إِلَّا تَوَاضُعًا * * * فَكَمْ تَحْتهَا قَوْم هُمُو مِنْك أَرْفَع
وَإِنْ كُنْت فِي عِزّ وَحِرْز وَمَنْعَة * * * فَكَمْ مَاتَ مِنْ قَوْم هُمُو مِنْك أَمْنَع
كيف نتخلص من الكبر أخي المسلم:
-        ومن طرق علاج الكبر أن ترى نفسك كالناس وأنهم مثلك ولدوا من أم وأب كما ولدت وأن التقوى هي المعيار الحق . قال الله تعالى : { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } الحجرات / 13 .
وليعلم المسلم المتكبر أنه مهما بلغ فهو أضعف من أن يبلغ طول الجبال أو أن يخرق الأرض كما قال الله تعالى : {  (17) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19) } لقمان / 18 – 17قال القرطبي : قوله تعالى : { ولا تمش في الأرض مرحا } وهذا نهي عن الخيلاء وأمر بالتواضع ، والمرح : شدة الفرح ، وقيل : التكبر في المشي ، وقيل : تجاوز الإنسان قدره . وقال قتادة : هو الخيلاء في المشي ، وقيل : هو البطر والأشر ، وقيل : هو النشاط . وهذه الأقوال متقاربة ولكنها منقسمة قسمين : أحدهما : مذموم ، والآخر : محمود . فالتكبر والبطر والخيلاء وتجاوز الإنسان قدره : مذموم . والفرح والنشاط محمود .  تفسير القرطبي "
وفسرها ابنُ العربي : " " وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّك " يَعْنِي لَا تُمِلْهُ عَنْهُمْ تَكَبُّرًا ، يُرِيدُ أَقْبِلْ عَلَيْهِمْ مُتَوَاضِعًا ، مُؤْنِسًا مُسْتَأْنِسًا ، وَإِذَا حَدَّثَك أَحَدُهُمْ فَأَصْغِ إلَيْهِ ، حَتَّى يُكْمِلَ حَدِيثَهُ ، وَكَذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " .ا.هـ.
 - ومن العلاج أن يعلم الإنسان أن المتكبر يوم القيامة يحشر صغيراً تدوسه الأقدام ، والمتكبر مبغوض عند الناس كما أنه مبغوض عند الله تعالى ، والناس يحبون المتواضع السمح اللين الهين ويبغضون الغليظ والشديد من الرجال"من تواضع لله رفعه" .
نسأل الله تعالى أن يعيذنا من الكبر وأن يرزقنا التواضع
                                                                                والحمد لله رب العالمين