الأحد، 17 مارس 2013

فـيـتــوقراطية المغرب


 هل بالفعل المغرب رست سكته على طريق الديمقراطية ؟ هذا هو السؤال الذي يحتاج إلى إجابة حقيقية في هذه المرحلة مادامت نسائم ما يسمى بالربيع العربي تفوح على الوطن العربي والإسلامي وتخنق أنظمت الاستبداد التي تراوغ الزمان عسى أن يعود عهد الطغاة ويغيب زمن “الشعب يريد”.

في المغرب ومع اندلاع شرارات غضب الشعوب ضد أنظمة الاستبداد التي ظنت أنها أبدية خالدة ملكها الإله والأمريكان رقاب الشعوب ، لم يكن أحد سواء الشعب أو النظام أو المعارضة الإصلاحية أو الراديكالية ، يفضل التغيير بالطريقة التي أخذتها بعض الدول الشقيقة ، فسادت نظرية “خصوصية المغرب ” واستطاعت أن تمتص الغضب وتمحور المعركة نحو نقاش دستوري من داخل النظام نفسه .
فكان الحديث عن أزمة السلطة بدل أزمة النظام وأن الأخير يتوفر على كل الهياكل والتنظيمات التي يمكن أن تنقله إلى نظام ديمقراطي حقيقي، فتوالت الدعوات من أجل تفعيل المؤسسات المنتخبة ومنحها صلاحيات أوسع وجعلها مؤسسات فاعلة بدل هياكل فارغة تؤثث المشهد السياسي، فكان الدستور ومعه جاءت حكومة بنكيران وظن كثير أن المغرب أخذ مساره نحو بحر الأمان .
مع هذه التطورات وعطفا على السؤال الأول وتخصيصا له نتساءل هل بالفعل بنكيران يمارس صلاحيات كما حددها له الدستور ؟ في بداية تربعه على كرسي الحكومة تحدث عدد من الكتاب المحسوبين على المعارضة أن بنكيران سيكون منزوع الصلاحيات وأن حكومة الظل هي من تسير البلاد لكن هذا الكلام حينها كان يعتبر مجرد تخمين وادعاء يحتاج إلى دليل ،المستقبل القريب كفيل ببيانه.
  لست هنا أقيم الإصلاحات التي قامت بها الحكومة ولا محاولتها في محاربة الفساد قليلا كان أو كثيرا وإنما اخترت هنا الحديث عن نظام اختار بدل الديمقراطية كنهج في الحكم خيار فيتوقراطية المخزن أي أن المؤسسة الملكية رغم توفرها على صلاحيات واسعة في الدستور فهي تُمَّلك نفسها سلطة واسعة منها معارضة ورفض قرارات الحكومة بوسائل متعددة كانت مفكر فيها قبل منح الصلاحيات للحكومة في الدستور الجديد . وهذا لم يعد سرا وإنما أباح به السيد رئيس الحكومة في طلعاته الأخيرة سواء في اجتماعات الحزب أو أمام البرلمان خاصة ملف الإعلام وهو سلطة مهمة في الدولة الحديثة وتحريره يعني في نهاية المطاف كسب معركة مهمة وخلق معادلة يصعب على الوبيات الضاغطة التحرك بحرية وتنزيل مخططاتها .
  في ظل الدولة الحديثة وتعقد المصالح والمذاهب والانتماءات المختلفة  تتشابك القراءات ومبررات التحكم في الدولة تحت شرعيات مختلفة ليس بالضروري أن تكون ديمقراطية حداثية، فالنظام المخزني يعتبر نفسه هو الأحق بالحكم والتسيير ولا يتنازل عن هذا الحق إلا تحت ضغط الشارع لأنه يعتقد أو يوهم نفسه أنه هو من أسس وحمى الدولة ولا يمكن أن يسلمها لمكونات لا تعرف التسيير وحسابات الدولة الداخلية والخارجية .
    فالمخزن يعتقد أن ضعفه وتواريه عن الأنظار تهديد للدولة لأنه أصبح من الناحية السيكولوجية في حالة التحام بالدولة فالدولة هي المخزن والمخزن هو الدولة إلا أنه مع الضغط يبدأ بالتراجع ،إلا أن  هذا التراجع شكلي يولد معه مخططات جديدة من خلالها يستطيع المخزن التحكم من الوراء أو ما أصبح يطلق عليه باللوبيات الضاغطة أو الدولة العميقة.
التحكم أو تسيير الدولة من طرف جهات ضاغطة لا تظهر إلى العلن أصبح الآن شبه عام في البلدان الديمقراطية حتى في الولايات المتحدة الأمريكية إذ أصبح جهاز المخابرات يوجه  الحكام ويرسم الاستراتجيات ولم يعد يقتصر فقط على جمع المعلومات وتقديمها، إلا أن الخطير في الموضوع هو أن تكون هذه الجهات دون عقيدة الوطن والأمة وتكون عميلة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لدول خارجية أو أجندة معادية أو تابعة لمصلحتها الضيقة والخاصة استجابة لرغباتها وأهواها. تعقد الوضع يستدعي هذا النوع من التركيبة في الدولة الحديثة في ظل انكشاف الدول لأجهزة المخابرات الدولية وقصر مدة الحكومات التي تنتخب من طرف الشعب،لكن بشرط أن تكون عناصر وفلسفة هذا الجهاز وطنية شريفة تؤمن بتاريخ هذا البلد وبثقافته وهويته ولها أمال وطموح في أن يكون المغرب هو الأقوى في المنطقة  وتعود مكانته التي كان يحتلها في الماضي ، لأننا أمة لنا تاريخ مشرق وماضي مشرف كنا نقود العالم ونتحكم  في المجال الجيوسياسي المحيط بنا وبلد يعول عليه من طرف الأشقة في تقديم الدعم والنصرة في مواجهة الأخطار الخارجية .