الإتحاد الوطني للشغل بالمغرب :بين الالتزام الأخلاقي والانحياز السياسي

الإتحاد الوطني للشغل بالمغرب :بين الالتزام الأخلاقي والانحياز السياسي بعد تولي حزب العدالة والتنمية  قيادة الحكومة ، تراجع ذراعه النقابي  عن  خوض
المعارك النضالية مع الشغيلة التعليمية والطبقة العاملة  ، من الناحية التبريرية  في بداية التجربة الحكومية كان الأمر سهل جدا على قيادات الإتحاد الوطني  للشغل بالمغرب عندما عبرت أكثر من مرة على أن  منهجية  الاتحاد  في ترك فرصة ووقت كافي للحكومات  لترتيب أوراقها تستفيد منه حكومة العدالة والتنمية كذلك ....

لكن بعد مرور سنة اكتشفت الشغيلة  أن  شهر العسل الذي منحه الاتحاد للحكومة طال أمده وبوادر عودت هذا  الفارس المغوار والمناضل الشهم  تحول إلى حمل وديع أمام ضعف الحكومة في الإصلاحات  بل وحتى  بعض بنود اتفاق 26 أبريل التي  أصدر الاتحاد فيها  بيانات توعد ونفذ وعوده لا زالت في أرشيفه كدليل على صحة تحوله و تخاذله في الدفاع عن الشغيلة ،لم تطبقها الحكومة الحالية ورغم ذلك التزم الصمت  وحمل  مسؤولية ذلك للنقابات الأخرى في رفضها لمشروع التقاعد و إصلاحه ....

حال الاتحاد الآن  يمكن وصفه بالمتخاذل والانقلابي على مبادئ الاتحاد ومنخرطيه الذين اختاروا الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب على غيره من الإطارات لما كانوا يرون فيه الإطار النزيه  والمناضل الواقعي الذي يربط بين الحقوق والواجبات ،وأمام هذا الوضع الذي قوبل بالرفض من  أغلب منخرطي الاتحاد  ومتعاطفيه ، واستغراب باقي الشغيلة  وخاصة الشغيلة التعليمية ، لم يقم الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بفتح باب النقاش الواسع وممارسة النقد الذاتي مع منخرطيه و إنما اختار لغة الإقالات والتخوين  و الانحراف  بالنقاش المطلبي  النقابي نحو نقاش سياسي اتهامي لكل من ينتقد الحكومة وتبريري لأي تراجع حكومي  في تطبيق الإصلاحات ، ليس هذا هو الاتحاد الذي كنا نعرف ، إطار لم يكن أحد يجهل علاقته بحزب العدالة والتنمية  ولكن كذلك لا أحد  يشك في صدقه وواقعيته ونزاهته  وصموده على قول الحق والدفاع عن المستضعفين لذلك وفي زمن قلت فيه الهياكل النقابية غير المسيسة تسيسا سلبيا كان الإتحاد الوطني للشغل بالمغرب قبلة لكثير من المناضلين وبخلفيات اديولوجية مختلفة فتجد فيه الإسلامي إلى جانب الاشتراكي و إلى جانب الليبرالي  ، الكل يندمج في بوثقة واحدة وتحت غطاء واحد هو الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب لأنه كان حينها الاتحاد يعبر عن صوت الشارع والشغيلة التعليمية أما الآن أصبح  ملحقة تابعة لرئيس الحكومة  و منبر إعلامي لتبرير السياسة الحكومية الفاشلة في تدبير القطاعات الحيوية في المغرب ، فأين الاتحاد الوطني من ملف الطلبة الأطباء ، وأين هو من باقي بنود اتفاق 26 أبريل   و أين موقفه من الأساتذة المتدربين ، وأين موقفه من فرنسة الثانوي التأهيلي ، وأين موقعه ووجوده من استفزازات وزير التربية الوطنية  لنساء ورجال التعليم ، وأين  هو من كل المشاكل  التي تتخبط فيها القطاعات الحيوية  في المغرب ، كم أصبح إصدار بيان  عملة ناذرة من طرف الاتحاد ....

العلاقة بين النقابي والسياسي نقاش كبير ومتشابك نظريا وعمليا ، وجل التحليلات تذهب أن هناك ترابط بين السياسي والنقابي ، فالموقف النقابي نتيجة للرؤية السياسية ، لكن الحديث هو التداخل بين النقابي والحزبي  ومن يؤثر في الآخر، فالحزب هو كذلك نتيجة لرؤية سياسية ، حزب العدالة والتنمية والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب  شريكان في مشروع سياسي كبير عنوانه تخليق  الحياة العامة والمساندة النقدية ومحاربة الفساد ، وليس لأحدهما الفضل على الأخر ، ولم يوجد أحدهما خدمة للأخر  ، بمعنى أن الاتحاد ليس إطارا مهمته  الحفاظ على مكانة الحزب  واستمراره في الحكم ولو على حساب سمعة  الاتحاد ودوره في النضال والدفاع عن الشغيلة ...، وإلا كان على الاتحاد أن يستغل علاقته مع شريكه السياسي  لتحقيق مطالب الشغيلة بدل أن يستغله الحزب لإسكات  كل صوت معارض ، هل الأمر راجع لضعف القيادات الوطنية للاتحاد  أمام ذكاء وقوة السيد بنكيران ، أم أن القيادات الوطنية للاتحاد وبفعل تموقع شريكها في الحكومة واطلاعه على بعض الخبايا والخفايا ومعرفته لموازين لقوى الحقيقية جعلته يقرأ الواقع قراءة سياسية  نفعية تغلب عليها المصلحة الضيق للإطار على حساب الشغيلة ... أم أن الشغيلة  وبعد الربيع العربي ارتفع منسوب مطالبها فلم تعد ترضى بالقليل ، لكن أين هذا القليل ؟....

أمام هذا الوضع لم يبقى أمام مناضلي الاتحاد في ربوع المملكة إلا النضال الداخلي والضغط على المركز لمراجعة حسابه و خوض معارك إقليمية ومحلية  ورفع تقارير للاتحاد تطالبه بتصحيح المسار  والسماع لصوت مناضليه ، وفي هذا السياق لا بد من التنويه  بالمكتب الإقليمي للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب فرع طرفاية على بيانه الإخير  والذي جاء فيه إعلانه :

·          تضامنه المطلق مع الأساتذة المتدربين في نضالهم لإلغاء المرسومين الوزاريين المشؤمين وتنديده بالمقاربة الأمنية في معالجة هذا الملف

·         رفضه المطلق إصلاح منظومة التقاعد على حساب الشغيلة .